الليرة السورية اليوم.. تاريخ من الصمود والنضال إلى الانهيار والسقوط

عربمون من أكبر وأقدم الشركات الاقتصادية العربية > المدونة > المدونة > الليرة السورية اليوم.. تاريخ من الصمود والنضال إلى الانهيار والسقوط

الليرة السورية

 تُعتبر العملة الرسمية لكل بلد هي الكيان المُعبر عن الاقتصاد وهوية البلد سواء داخل الدولة أو في تواجدها بين مصاف الدول، لكن الوضع في الليرة السورية يختلف عن ذلك؛ فهي تعتبر كيان حقيقي للشعب السوري وحجر الزاوية في اقتصاده وثقافته أيضًا.

الليرة.. هي العملة الورقية التي تَضجُ بالهوية السورية ولذلك فقد حملت في تصميها    قلعة حلب وصلاح الدين الأيوبي ومملكة أوغاريت وآثار تدمر، بالإضافة إلى غيرها من رموز ومعالم الهوية العربية السورية الأخرى، لتكون معبرة عن هوية الشعب الاقتصادية والثقافية.. لذا فمهما تغيرت الأوضاع وطرأت على العملة وقيمتها الكثير من التغيرات تبقى قيمتها المادية والمعنوية ثابتة في قلوب بني شعبها.

تاريخ الليرة السورية

 الليرة السورية صاحبة تاريخ طويل ارتبط دائمًا بالحرية بدأت مع الاستقلال منذ عام 1920م، فقبل ذلك التاريخ كان التعامل التجاري من خلال العملات الذهبية العثمانية لأن الدولة العثمانية هي التي كانت مسيطرة على الأوضاع وبالتالي كانت تفرض سيطرتها الاقتصادية أيضًا.

 لكن مع استقلال البلاد كان لابد أن يكون للاقتصاد أن يحظى بالحرية أيضًا وبالتالي تم تأسيس مصرف سوريا وصدرت منه الليرة السورية لأول مرة في تاريخها خلال عام 1920م فيما يُسمى بعام الاستقلال.

الليرة السورية اليوم وفي الماضي

ارتباط الليرة السورية بالحرية والاستقلال استمر دائمًا على مدار التاريخ، فمع قدوم الاحتلال الفرنسي ارتبطت الليرة بالفرنك، ما أدى إلى حدوث حالة من عدم الاستقرار والتذبذبات الكبيرة في قيمتها.

كانت الليرة قبل الاحتلال الفرنسي تعادل 20 فرنكًا، لكن مع قدوم الاحتلال ارتفعت لـ37 فرنكا، وفي ذلك الوقت كان الدولار الأمريكي يعادل 2.19 ليرة سورية.

واستمر وضع الليرة في حالة من عدم الاستقرار حتى بداية انطلاق الهوية الاقتصادية الحقيقية لسوريا عندما وقع حاكم مصرف سوريا المركزي ووزير المالية السوري عام 1953 قرارًا باستقلال الليرة السورية عن العملات الأخرى، وذلك حسب البيانات الرسمية الصادرة عن المصرف المركزي السوري.

سعر الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي

وبعد مرور سنوات قليلة بدأت الولايات المتحدة في السيطرة على الاقتصاد العالمي ما جعلها العملة العالمية الذي ترتبط بها كل العملات الأخرى، ما جعل المستثمرين يربطون الليرة السورية بالدولار الأمريكي، حتى جاء عام 1964 ليصدر قرارًا باعتماد سعر الصرف الثابت وتسعير الدولار بـ3.65 ليرة ثم بـ11.25 ليرة عام 1989.

الدولار مقابل السوري

مع قدوم الألفية الجديدة استمر ارتباط الليرة السورية بالدولار الأمريكي الذي ظل مهيمنا على الاقتصاد العالمي بدون وجود منافسة حقيقية من البلدان الأخرى، وكان الشكل الظاهري أن الليرة مستقلة لكن في التجارة والاستثمار ارتبطت بالدولار، حتى جاء الانفتاح الاقتصادي والتطور التكنولوجي ظهرت عملات جديدة ودول تنافس الولايات المتحدة اقتصاديًا وبالتالي ظهرت الحاجة إلى ارتباط الليرة بعملات أخرى.

وخلال التوسع التجاري في عام 2007 تم ربط الليرة بسلة عملات جديدة لتكون أكثر انتشارًا حول العالم، مثل: (الين الياباني- اليورو- الإسترليني)، وذلك حسب المصرف المركزي السوري وموسوعة العملات الورقية السورية.

انهيار الليرة السورية

 ومع المعاناة الكبيرة التي بدأت لسوريا في عام 2011، تأثرت الليرة كثيرًا بالأحداث السياسية التي تمر بها البلاد مثلما حدث لكل شئ في البلاد، وعادت إلى مرحلة التقلب وعدم الاستقرار وسط حالة من الخوف الكبير من الشعب السوري على جميع الأوضاع في البلاد والذي كان من بينها الاقتصاد الذي بدأ في الانهيار.

 ولكن مع مرور الوقت وتفاقم الأوضاع أكثر انهار الاقتصاد السوري وبالتالي دخلت الليرة من مرحلة عدم الاستقرار إلى مرحلة الانهيار وانخفضت قيمتها وارتفع سعر الدولار في سوريا بشكل كبير، فبعد أن كان سعر الدولار الواحد يعادل 46.5 ليرة سورية عام 2010 واليورو 62 ليرة سورية، انخفضت قيمة الليرة السورية لأكثر من 50 ضعفا مقابل الدولار الأمريكي.

 هذا الانهيار الكبير وعدم الاستقرار لليرة بصفة خاصة والاقتصاد بصفة عامة، أصبح الشاغل الأكبر للسوريين هو الاستفسار عن سعر الصرف الخاص بالليرة السورية، في ظل استمرار تفاقم الأوضاع الاجتماعية والسياسية بالبلاد.

سعر الدولار مقابل الليرة السورية

الانهيار الذي حدث في الليرة السورية منذ عام 2011 جعل سعر صرف الدولار الواحد يساوي 59 ليرة سورية وكان يعتبر هذا الرقم صادمًا للشعب السوري، لكن الهبوط استمر أكثر ففي عام 2012 وصل سعر الدولار في سوريا إلى أكثر من 80 ليرة.

وجاءت الصدمة خلال عام 2013 عندما وصل سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية إلى أكثر من 300 ليرة سورية، ولكن الأمر لم يتوقف عند ذلك؛ بل استمر مسلسل تدهورالليرة السورية في عام 2015 حيث وصل سعر صرف الدولار إلى أكثر من 490 ليرة، وفي عام 2016 تجاوز سعر الدولار الواحد 535 ليرة سورية.

مسلسل الانهيار الذي حدث خلال سنوات عدم الاستقرار في سوريا وصل إلى قمته في العام الماضي 2020 عندما وصل سعر الدولار الأمريكي إلى مايقارب 2600 ليرة سورية، حيث كانت الصدمة والفاجعة للشعب السوري واقتصاده الذي سقط بشكل مدوي.

الليرة السورية اليوم

وبعد مرور 10 سنوات على مسلسل انهيار الليرة السورية الذي بدأ في عام 2011 واستمر إلى الآن، حيث كان فيهم سقوط مدوي للاقتصاد وكل نواحي الحياة في سوريا، يأمل السوريين في أن يكون عام 2021 بداية العودة، وأن يصبح سعر الليرة السورية اليوم أقوى من البارحة ويستطيع التعافي والعودة أمام الدولار، حيث إن الحل الوحيد يكون من خلال استقرار الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية من أجل أن تعود لها قيمتها الحقيقية أمام عملات باقي الدول.

أسعار الذهب اليوم في سوريا

أما عن الذهب في سوريا فكان حاله مثل الدولار الذي ارتفع بشكل كبير عكس حال الليرة السورية اليوم التي انخفضت بشكل كبير، حيث سجلت أسعار الذهب في سوريا أعلى مستوى لها في تاريخ البلاد وسط أزمة اقتصادية كبيرة في سوريا، وذلك لأنه دائمًا ما يؤدي تقلب سعر صرف الدولار إلى تقلب سعر المعدن النفيس، ومع ارتفاع الدولار بشكل تاريخي ارتفع سعر الذهب أيضًا بشكل غير مسبوق.

وفي الوقت الحالي بلغ جرام الذهب عيار 21 مستوى 156 ألف ليرة، فمن الطبيعي أن تتأثر بارتفاع أسعار المعدن الأصفر في السوق العالمي، لكن مع الأزمة الكبيرة التي يعيشها الاقتصادي السوري تراجع سعر العملة كثيراً أمام الذهب وهذا ما جعل سعر الجرام عيار 21 يسجل مستوى تاريخي.

سعر الدولار في سوريا الآن

سوريا هي زهرة الشام صاحبة التاريخ الكبير من الاستقلال والعروبة وإحدى الدول المؤثرة في الشرق الأوسط بتاريخها وسياستها واقتصادها، لذلك فإنها عندما تتوجع يصل ألمها لكل العرب، ومن هنا تأثرت كل البلدان العربية بالأحداث المؤسفة التي حدثت في سوريا على مدار السنوات الماضية، وعلى الرغم من ارتفاع سعر الدولار في سوريا الآن وتأثر سعر الذهب بشكل كبير ما يدل على الانهيار الكبير في الاقتصاد بالبلاد، لكن اليقين في وجدان كل عربي يعلم أن عودة سوريا واقتصادها سيكون قريبًا فعلى مدار التاريخ ظلت صامدة أمام الحروب والعقبات ومهما سقطت تعاود النهوض والاستقلال دائمًا.

اقرا ايضا